تمثل النزاعات العقارية التي تنشب بين صاحب العقار والمستأجر جزءا كبيرا من القضايا التي تسجل في امارات المناطق ، ودوائر الشرطة والمحاكم الشرعية ، والتي تستهلك جزءا غير قليل من وقت القضاة ومساعديهم والمختصين في اقسام الشرطة وامارات المناطق ، بجانب وقت الاطراف المتخاصمة ، وفي كثير من الحالات يتردد القاضي في اصدار الحكم ، ويحث الاطراف المتخاصمة على الصلح وقيام الطرفين بالتنازل ببعض ما يطالبون به ، خصوصا مالك العقار الذي يرى ان المستأجر يماطل في دفع ما عليه من اجار مستحق بموجب العقد الذي تم توقيعه من قبل الطرفين ، وفي اغلب الحالات يتم الصلح بين الطرفين بتشجيع من القاضي ، او بتطويل فترة التقاضي حتى يقبل صاحب الملك على التنازل عن جزء من الايجار ، وقد يتنازل عن كامل الايجار في مقابل ان يخلي الساكن المكان ، وتحدث المشكلة بين الساكن وصاحب العقار عندما يطلب صاحب العقار زيادة في الايجار ، واحيانا تكون الزيادة التي يطلبها المالك فوق طاقة المستأجر ، او عندما يعجز الساكن عن دفع الايجار نتيجة عدم تسلمه راتبه من مكان عمله او لأي سبب آخر .

في محاولة للقضاء على ما يحصل من مشاكل ونزاعات بين صاحب العقار والمستأجر ، قررت وزارة الاسكان بالتنسيق مع الجهات الرسمية الاخرى ، مثل وزارة الداخلية ووزارة العدل  اطلاق برنامج عقد ايجار الالكتروني او العقد الموحد التنفيذي ، والذي يعتبر سندا ملزما لكل الاطراف ، ويحقق الاهداف التي تخدم صاحب العقار والمستأجر على حد سواء ، ويختلف عن العقد السابق الذي كان يصدر من قبل صاحب العقار نفسه ، او من مكاتب العقار المرخصة والغير مرخصة ، وسوف تمنح الصلاحية الى مكاتب عقار تكون قد استوفت كل الشروط التي تؤهلها للحصول على التراخيص اللازمة ، وسوف تحصل تلك المكاتب التي تقوم بتوثيق العقود على عمولة من المستأجر ، كما انها سوف تقوم بتحصيل رسوم من ملاك العقار لصالح وزارة الاسكان ، تبلغ 250 ريال عن كل وحدة يتم تأجيرها بالنسبة للسكني و400 ريال للتجاري حسب العقد الموحد .

وفي استطلاع اجرته جريدة عكاظ مع بعض الخبراء والمهتمين بشئون العقار اوضح المحامي والمستشار القانوني مشعل الشريف ان اعتبار العقد الايجاري سندا ملزما يحقق الكثير من الايجابيات ، ويقلص القضايا المنظورة امام المحاكم التي تتعلق بعقود الايجار خصوصا قضايا المماطلات في الدفع ، وافاد ان المحاكم سيخفف عليها العبء كثيرا ، ما سينعكس على مواعيد الجلسات التي ستتقلص مددها الى اقصى حد ، كما ستكون بنود عقد الايجار واضحة للجميع بحيث لا يقدم احد على مخالفته خشية ان يتعرض للعقوبات المنصوص عليها نظاما .

وقال رئيس اللجنة العقارية السابق بغرفة تجارة وصناعة الشرقية خالد با رشيد : التطبيق الفعلي لإلزاميىة العقد الايجاري واعتباره سندا تنفيذيا يحقق فوائد كبيرة لقطاع الايجار وللاقتصاد الوطني ، فضلا عن تخفيف الاعباء على المحاكم جراء المنازعات ، والفوائد تتمثل في تعزيز المناخ الاستثماري ، وجذب الاستثمارات الدولية للمملكة ، وحفظ حقوق اطراف العقد الايجاري والحصول على إحصاءات دقيقة بشأن اعداد المستأجرين من السعوديين والوافدين ما يفيد خطط وزارة الاسكان ، وقال المستثمر العقاري احمد الرميح : القرار طال انتظاره وكافة اطراف العقد الايجاري ما سيؤول اليه مخالفة النظام سواء بالمماطلة او تأجير عقار ليس بالمواصفات المتفق عليها ، لذا فإن تطبيق العقد الموحد يعزز توجه المملكة للنظام الرقمي ، كما ان العقد الايجاري الموحد يسهم في تقليص عدد القضايا المتعلقة بالإيجارات لدى المحاكم ما يفرغ القضاة للقضايا الاهم، والحد من العشوائية في قطاع الايجار العقاري ، وتعزيز الاستثمار العقاري بعدما تأخر نتيجة المماطلات في الدفع  ، بينما اوضح المستشار المالي والاقتصادي خالد الدوسري ان نظام الايجار ينظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر والوسيط ونوه بقوله : العلاقة بين الاطراف الثلاثة في الفترة الماضية كانت تشوبها شوائب كثيرة إلا ان ايجار سهل الامور بينهم ، ووزارة الاسكان تمثل الجهة الوحيدة لإصدار تراخيص ايجار للوسطاء بغرض توثيق عقود الايجار ، ولفت الى وزارة الاسكان ستتقاضى رسوما على نظام ايجار بمقدار 250 ريال سنويا على الايجار السكني والتي سيدفعها المالك للوسيط بغرض تحويلها للوزارة و400 ريال على التجاري .

نظريا يظهر ان نظام ايجار او العقد الموحد ، سوف يحل المشاكل بين صاحب العقار والمستأجر ، والتي اشغلت المحاكم والادارات المختصة الاخرى ، ولكني لا اظن ان الحل سيأتي بنفس البساطة التي توختها الوزارة عندما طرحت هذا النظام الجديد ، او تلك التي تحدث عنها خبراء العقار الذين استطلعت اراءهم جريدة عكاظ ، إلا اذا كانت الوزارة سوف تدفع الايجار عن من يعجز عن دفع ايجار مسكنه من الرسوم التي سوف يدفعها ملاك العقار .                   

Comments are disabled.