العيد هو مناسبة يفرح فيها الناس ويتبادلون التهاني والتبريكات ويلبسون الملابس الجديدة والزاهية ، وقد كان اول عيد يحتفل به المسلمون في السنة الثانية للهجرة النبوية ، وقد ثبت ان الرسول صلى الله عليه وسلم عندما وصل الى المدينة مهاجرا من مكة المكرمة وجد الناس يحتفلون بيومين فقال : قد ابدلكم الله عنهما بيومين هما يوم الفطر ويوم النحر ، وكان اول عيد يحتفل به المسلمون هو عيد الفطر الذي جاء بعد صوم شهر رمضان وبعد اخراج زكاة الفطر ، والتي لا يكتمل الصوم إلا بها حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم : اغنوهم في هذا اليوم ، وكان  ويقصد الفقراء .

بحكم عملي في السلك الدبلوماسي ، فقد احتفلت بالعيد في اماكن مختلفة في دول مختلفة ، ووجدت التشابه كبير في الاحتفال بالعيد في الدول الاسلامية ، أما الاحتفال به في الدول غير الاسلامية فله نكهته الخاصة حيث كان اول عيد احتفل به خارج العالم الاسلامي عيد الفطر في مدينة طوكيو باليابان ، والتي نقلت اليها من باكستان وقد وجدت عدد افراد الجالية الاسلامية محدود ، ولم يكن بمدينة طوكيو إلا مسجدا واحدا يعود تاريخ بنائه الى العام 1938 عندما هرب كثير من المسلمين من دول اواسط آسيا بعد احتلالها من قبل الاتحاد السوفيتي ، وقد وصل عدد ممن هرب من نير الشيوعية الى طوكيو حيث تم بناء المسجد من قبل الجالية التركية التي استقر افرادها في طوكيو ، وقد تم بناء المسجد بإشراف حكومة تركيا  باعتبار هؤلاء الهاربين من الشيوعية من اصل تركي ويتحدثون اللغة التركية حيث  يجتمع افراد الجالية الاسلامية في هذا المسجد يؤدون صلاة الجمعة وصلاة العيد ، وكان امام المسجد رجل تركي ، يخطب بثلاث لغات فيبدأ باللغة التركية ثم باللغة اليابانية واخيرا باللغة العربية ،  بالإضافة الى قيامه في بعض الاوقات بذبح بعض الخراف والتيوس وبيعها للمسلمين الراغبين في الحصول على لحم حلال مذبوح على الطريقة الاسلامية .

منذ وصولي الى طوكيو حرصت على حضور صلاة الجمعة في هذا المسجد مع بعض الزملاء في السفارة ، وفي المسجد قابلت مسلمين من مختلف البلاد الاسلامية ونشأ ت علاقات بيني وبين بعضهم ، وفهمت من بعض رواد المسجد انهم يحضرون يوم الاحد الى المسجد لتعليم المسلمين الجدد كيفية الصلاة وبعض قصار السور من القرآن الكريم ، وكون المسجد هو الوحيد في طوكيو ، فقد كان يحضر اليه زوار اليابان من الدول الاسلامية لإداء صلاة الجمعة ، ومن بين من زاروا المسجد الملك فيصل بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية عند زيارته لليابان ، حيث حضر الى المسجد لأداء صلاة الجمعة ، وبعد الصلاة قام المصلون للسلام عليه ، وقد قدمتهم الى الملك فردا فردا ، كما زار المسجد لأداء صلاة الجمعة الملاكم العالمي محمد علي كلاي وبعد الصلاة قام المصلون بالسلام عليه وكنت من ضمن من صافحه .

خلال شهر رمضان الذي سبق العيد الذي احتفلت به في اليابان ، كنت اذهب الى المسجد بمعدل ثلاثة ايام في الاسبوع ، وكنت اسكن في منطقة تعتبر بعيدة نسبيا ، وكنت اذهب الى المسجد عن طريق المواصلات العامة ، فكنت اركب الص الى محطة ثم اركب قطار آخر الى محطة اخرى ومنها انزل واركب قطار ثالث الى المحطة التي تجاور المسجد ، وكنت اذا قررت الذهاب الى المسجد لصلاة التراويح ، انطلق من منزلي بعد الافطار مباشرة حتى اتمكن من الوصول الى المسجد قبل بدء الصلاة ، وكان الامام يصلي التراويح ثلاث وعشرين ركعة ولكنه لا يطيل الصلاة مراعاة لمن تكبد المشوار ليلحق بصلاة التراويح في جماعة .

في يوم العيد توافد المسلمون على المسجد من وقت مبكر ، وبعد الصلاة والخطبة التي بدأت باللغة التركية ثم اليابانية وانتهت باللغة العربية ، خرج المصلون الى فناء المسجد حيث تبادلوا التهاني ثم اتجه اكثرهم الى منزل السيد عبد الهادي الدبس ، وهو رجل اعمال سوري ، واعتاد ان يستقبل المصلين في منزله لتناول الافطار ثم الخروج الى حديقة المنزل الجميلة في تنسيقها وفي محتوياتها من الاشجار والازهار ، وقد علمت انها من اجمل الحدائق في طوكيو ، وبعد تناول الافطار وتبادل التهاني ينصرف الجميع الى الزيارات  الخاصة  لمن لم يتمكن من حضور الصلاة وحفل الافطار في منزل السيد عبد الهادي الدبس .

Comments are disabled.