يرجع تاريخ النزاع بين باكستان والهند حول كشمير الى تاريخ تقسيم شبه القارة بين البلدين بموجب ما عرف بنظرية الشعبين والتي نصت على ان المناطق ذات الاغلبية المسلمة تتبع باكستان والمناطق ذات الاغلبية الهندوسية تتبع للهند ، ولكن الذي حصل بالنسبة لكشمير كان مختلفا ، فالحاكم كان هندوسيا ، واغلبية السكان مسلمين ، وبالتالي لم تطبق عليها نظرية الشعبين ، واراد الحاكم البقاء شبه مستقل ، وطلب حماية الهند ، ولكن الهند لم توافق على طلبه واشترطت الانضمام اليها ، ولما لم يكن راغبا في الانضمام الى باكستان ، فقد اذعن لشرط الهند واعلن انضمامه لها ، وقد اعتبرت باكستان ذلك مخالف للاتفاقيات التي تم تقسيم شبه القارة بموجبها ، كما اعتبرت ذلك اضرار بأمنها القومي ، وادى ذلك الى اندلاع اول حرب بين البلدين ، مما جعل الامم المتحدة تتدخل وتفرض وقف اطلاق النار وتدعو الى إجراء استفتاء ليقرر شعب كشمير مصيره بنفسه .

تشير كثير من المصادر ان فكرة الاستفتاء كانت من قبل رئيس وزراء الهند جواهر لا ل نهرو ، إلا انه تراجع عن ذلك ، واعتبر الانتخابات التي جرت في ولاية كشمير وفاز فيها الشيخ محمد عبد الله والذي كان من المؤيدين لانضمام كشمير للهند ، اعتبر نتيجة الانتخابات بمثابة الاستفتاء ، إلا انه لا الباكستان قبلت هذا المنطق ، ولا السكان قبلوه ، ولا الامم المتحدة وافقت عليه ، ولكنها عجزت عن تنفيذ القرارات التي صدرت عنها والتي تدعو الى إجراء استفتاء يعطي الحق للشعب الكشميري في تقرير مصيره بنفسه .

جرت عدة محاولات لحل مشكلة كشمير ، ولكنها لم تصل الى نهاية مرضية لكل الاطراف مما يؤدي الى توتر جديد في العلاقات بين البلدين ، وتقوم الهند باتهام باكستان بانها وراء كل مقاومة يقوم بها الوطنيون الكشميريون لمقاومة ما يعتبرونه احتلالا هنديا ، واتهمت الهند باكستان بالوقوف وراء هجمات الكشميريين ، وقامت مناوشات بين البلدين وفي شهر سبتمبر 1965 اندلعت الحرب بين البلدين والتي عرفت بحرب كشمير الثانية ، وحسب بعض المراقبين نشبت معارك بالدبابات لم يحصل مثلها منذ الحرب العالمية الثانية ، وتوقفت بوساطة من الامم المتحدة والاتحاد السوفيتي الذي استضاف زعيمي البلدين محمد ايوب خان ولا ل بهادر شاستري وتم توقيع ما عرف ب ( اعلان طاشكند ) .

لم تهدأ الاوضاع بين البلدين ولم يخف التوتر بينهما في كشمير والتي تحولت الى ثكنة عسكرية هندية خصوصا بعد وصول رئيس الوزراء مودي وحزبه اليميني المتطرف بهارتيا جنتا الى السلطة والذي انتهج سياسة معادية للمسلمين ليس في كشمير وحدها ، وانما في جميع انحاء الهند ، ونتيجة لانتهاكات حقوق الانسان في كشمير ، وما تقوم به القوات الهندية من قتل وتشريد واغتصاب وحالات الاختفاء القسري الذي تتبعه القوات الهندية ضد الشعب الكشميري الاعزل جعلت الشباب الكشميري يعلن المقاومة ، واذا كانت المقاومة السلمية غير ممكنة ، وان السلطة الهندية لم تعد تتحمل حتى المطالبة بتنفيذ القرارات الدولية التي تنص على حق الكشميريين في تقرير المصير عن طريق الاستفتاء الذي اقترحه اول رئيس لوزراء الهند جواهر لا ل نهرو ، فان هؤلاء الشباب سيقابلون عنف القوات الهندية بالعنف الذي يقدرون عليه وهو تقديم حياتهم عندما لا يجدون عن ذلك بديلا ، ولذلك فمن مصلحة الجميع حل مشكلة كشمير وتحويل الموا رد التي تصرف من قبل الدولتين الجارتين النوويتين على برامج التنمية لصالح الشعبين .

لقد افزعت الاحداث الاخيرة العالم باسره ، وخشي العقلاء في كل مكان ان تتطور الاحداث الى الاسواء ، وقد جاء خطاب رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان الذي اكد فيه عدم رغبة باكستان في التصعيد ، وابدى استعداد باكستان للمساعدة في التحقيقات التي تجريها الهند ، ولعل اعادة الطيار الهندي الذي اسقطت طائرته الى بلده كخطوة حسن نية من قبل باكستان تقابل بترحيب من قبل الهند ولعل المساعي التي يقوم بها عادل الجبير وزير الدولة للشئون الخارجية في المملكة العربية السعودية تؤتي اكلها وتخفف التوتر بين البلدين وتكون بداية وساطة لحل مشكلة كشمير التي تعتبر من اقدم المشاكل العالمية وآن لها ان تحل .    

Comments are disabled.