قد لا يصدق احد أن مادة الاسمنت يمكن ان تكون صديقة للبيئة ، فما بالك اذا قيل ان هناك مصنع اسمنت صديق للبيئة، ولعلني احاول في هذا المقال اثبات ان ذلك ليس مستحيلا بفضل التقدم التكنولوجي ، أما كيف يمكن ان تكون مادة الاسمنت او مصنع الاسمنت صديقة للبيئة ، مع ان المعروف انه عندما يذكر الاسمنت او مصانع الاسمنت يتبادر الى الذهن التلوث  والدخان والغبار الملوث ، سواء كان عند عمارة تبنى او عند مصنع ينتج هذه المادة التي لا غنى عنها ولا بديل لها في عملية البناء والتشييد .. ومن عاش في جدة وفي شمال المدينة على وجه الخصوص قبل حوالي اربعين عاما يتذكر مصنع الاسمنت الذي كان يقع في شمال مدينة جدة ، ولكنه في ذلك الوقت كان يبعد عن العمران بأكثر من عشرة كيلو مترات ، وكان ينفث كميات كبيرة من الدخان والغبار الملوث على المنطقة التي كان يقع فيها ، وخصوصا شرق المصنع وفي جنوبه الشرقي ، وكان الناس يتجنبون شراء الاراضي وبناء المنازل في تلك المنطقة التي يقع فيها المصنع او قريبا منه ، ولكن عندما انتقل المصنع بعد مطالبات وشكاوي من الاهالي بعد ان امتد العمران الى قريبا منه ، أصبحت الاراضي التي لم تكن مرغوبة من اغلى الاراضي في المدينة .

في اجتماع الجمعية العمومية لمساهمي شركة اسمنت ينبع ، وجه بعض المساهمين اسئلة للمسئولين في الشركة عن المصنع وموقعه وعدد العاملين فيه ومساكنهم واسئلة اخرى مختلفة ، وكان المسئولون في الشركة يجيبون على اسئلة المساهمين ، فتقدم احد المساهمين باقتراح بتنظيم رحلة الى المصنع لمن يرغب من المساهمين في ذلك ، وقد وعد المسئولون في الشركة بدراسة المقترح ، وفعلا تم الاتصال بالمساهمين الذين يسكنون في مدينة جدة او في مكة المكرمة، وحددوا يوم سبت لمن يرغب في زيارة المصنع والذي يقع على بعد اربعين كيلو متر الى الشمال من مدينة ينبع ، وطلبوا من الراغبين في زيارة المصنع التواجد عند مقر مكاتب الشركة في مدينة جده الساعة السابعة صباحا .

كنت واحدا من حوالي خمسة عشر مساهما ابدوا رغبتهم في زيارة المصنع، وتواجدنا كما طلب منا في الساعة السابعة صباحا عند مكاتب الشركة ، ووجدنا المسئولين عن العلاقات العامة في الشركة في انتظارنا ، حيث رحبوا بنا وكانت  الشركة قد قامت باستئجار حافلة من النوع الفخم من شركة النقل الجماعي مزود بكل وسائل الراحة ، حيث انطلقت بنا الحافلة في تمام الساعة السابعة والنصف ، وفي اثناء الرحلة التي استغرقت اربع ساعات بدون توقف قدمت لنا المرطبات وبعض الاكلات الخفيفة .

عند وصولنا الى مقر المصنع وجدنا كبار المسئولين في المصنع في استقبالنا في صالة الاستقبال القريبة من المدخل والمحاطة بحديقة مزينة بأنواع الزهور ، وبعد تناول الشاي والقهوة وانواع فاخرة من التمر اخذونا في رحلة حول المصنع بأقسامه المختلفة القديم منها والجديد في جو صاف ونظيف لم نكن نتوقعه ، فقد كنا نتوقع ان نرى دخان المصنع المشبع بالغبار الملوث ، حيث اخبرنا المسئولون ان المصانع حاليا لم تعد كالسابق ، فهي الآن مزودة بفلاتر تمنع خروج الدخان الملوث ، بعد ذلك اخذونا الى الحي السكني الذي يسكنه حوالي900 موظف وعامل وهو عبارة عن مجموعة كبيرة من الفلل والعمائر التي تتخللها الممرات المزروعة والحدائق الخضراء ، ثم جاء وقت صلاة الظهر فذهبنا الى المسجد الجامع الذي وجدناه روعة في الحجم وفي التصميم والديكور ومحاط بمساحات كبيرة فاضية بعضها مزروع والبعض الآخر يستخدم كمواقف للسيارات وبعد ان ادينا صلاة الظهر والعصر قصرا وجمعًا ، تمشينا في المنطقة المحاطة بالمسجد والمزروعة بالأخضر والمحاطة بالأزهار المختلفة والتي لم يكن احد يتصور انها في جوار مصنع اسمنت ، ولكنه مختلف عما كنا نتوقع ، بعد ذلك  توجهنا الى المطعم حيث وجدنا المسئولين عن المصنع قد اعدوا لنا وجبة غداء تحتوي على كل ما لذ وطاب من مختلف الاطباق الدسمة والشهية ، وبعد تناول الغداء ودعنا المسئولون عن المصنع بمثل ما استقبلونا به من حفاوة وتكريم ، وعدنا الى جدة نحمل اجمل المشاعر والاعجاب بما رأيناه من عناية بالبيئة وبالمساحات الخضراء وانواع الزهور المختلفة ، فتحية من القلب للمسئولين في شركة اسمنت ينبع  ولكل من يحرص على البيئة ويحميها من التلوث .

Comments are disabled.