استغرب كثير من المراقبين ذهاب الولايات المتحدة الامريكية الى الجمعية العامة للأمم المتحدة لتقديم قرار لم يكتب له النجاح ، بان المقاومة الفلسطينية ارهابا ، ونسيت الدبلوماسية الامريكية ان الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اصدرت مئات القرارات تدين اسرائيل لعدوانها المتكرر ضد الفلسطينيين ، واعتمدت بأغلبية ساحقة ، ولم يصوت ضدها الا اسرائيل والولايات المتحدة وعدد قليل من الدول التي تدور في فلكها وتأتمر بأمرها .

معروف ان قرارات الجمعية العامة غير ملزمة ، ولكن لها قيمتها القانونية والادبية ، ولو افترضنا ان القرار نجح واعتمد في الجمعية العامة فكيف تضعه في صف وتضع مئات القرارات التي تدين اسرائيل في الصف المقابل ، فبأي منطق وبأي وجه تطالب بتنفيذه ، وتتجاهل المئات التي تدين اسرائيل التي طردت شعب بكامله من ارضه وحلت محله ظلما وعدوانا ، وجلبت الصهاينة من جميع انحاء العالم ليحلوا محل اصحاب الارض الذين قتلوا وطردوا من ارضهم الى المخيمات البائسة في الدول المجاورة ، ولم يكن هذا ليتم لولا موافقة ومباركة دول الغرب الظالمة وفي مقدمتها بريطانيا العظمى التي قام وزير خارجيتها بلفور بإصدار اعلانه المشئوم ، واعطى بموجبه ما لا يملك لمن لا يستحق ، وقامت بريطانيا بعد انتصار الحلفاء على الدولة العثمانية بوضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني تمهيدا لتمكين اليهود من احتلال الارض وطرد اهلها منها ، واستمر الدعم الغربي لدولة الاحتلال واصبح التأييد يأتي من امريكا خصوصا بعد الحرب العدوانية التي شنتها اسرائيل في عام 1967 واحتلت اراضي ثلاث دول عربية واصبح الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة تحت الاحتلال بعد ان كانت الضفة الغربية تحت الادارة الاردنية ، وقطاع غزة تحت الادارة المصرية ، وقد صدرت قرارات من مجلس الامن تجرم احتلال اراضي الغير بالقوة العسكرية لعل اهمها قرار 242 و338 ولكن اسرائيل لم تنفذ شيئا من تلك القرارات ، وكانت دائما تحظى بدعم وحماية الولايات المتحدة الامريكية .

لماذا لم تذهب الولايات المتحدة الى مجلس الامن فقراراته ملزمة وتأثيرها اقوى ، وان كانت كل القرارات التي تعرض على مجلس الامن لصالح الفلسطينيين والتي تدين جرائم اسرائيل تقابل بالفيتو الامريكي مهما كانت صائبة وعادلة ومنصفة ، وبشكل يدعو للاستغراب والاستهجان واليأس من العدالة الدولية على يد القوة العظمى في العالم ، وكما ان الولايات المتحدة الامريكية قد جعلت من الفيتو اداة تعطيل لقرارات مجلس الامن اذا لم تكن تخدم مصلحة اسرائيل ، ولهذا فربما كان السبب في عدم ذهابها لمجلس الامن لإدانة المقاومة الفلسطينية للاحتلال الاسرائيلي خشيتها من عدم حصول أي قرار يقدم للمجلس على الاصوات الكافية التي تجعله يكتسب الاعتماد ، او انها كانت تخشى ان يصوت ضده احد الاعضاء الدائمين في مجلس الامن لسبب او لآخر ، وربما كانت فكرة القرار اجتهاد ومحاولة تقرب من المندوبة الامريكية لدى الامم المتحدة نيكي هيلي للوبي الاسرائيلي ، حيث يقال انها تطمح في كرسي الرئاسة في المستقبل ويقال انها لهذا السبب سوف تترك منصبها كمندوبة للولايات المتحدة الامريكية لدى المنظمة الدولية .

يحق للفلسطينيين والعرب ان يفرحوا بسقوط هذا القرار الظالم والذي كان يهدف الى ادانة مقاومة الاحتلال الاسرائيلي ، الذي يعتبر اقدم واظلم واسوأ احتلال على وجه الارض ، وكل الشرائع السماوية والقوانين الدولية تجعل مقاومة الاحتلال ، أي احتلال ، واجبا دينيا ووطنيا وانسانيا ، فما بالك بالاحتلال الاسرائيلي البغيض الذي يقتل الفلسطينيين رجالا ونساء واطفالا ، ويهدم بيوتهم  ويجرف ارضهم ، ويسرقها لبناء مستوطنات غير شرعية تقطع اوصال الاراضي التي يفترض ان تقوم عليها الدولة الفلسطينية المنتظرة وعاصمتها القدس ، والتي يعمل اليمين الاسرائيلي الحاكم على عدم قيامها .

ما يدعو للأسف ان دولا كثيرة استجابت للضغط الامريكي وصوتت لصالح القرار او امتنعت عن التصويت مضحية بالمبادي والحقوق الشرعية ، وكثير من تلك الدول كانت تحت الاحتلال ، ولم تحصل الى الحرية الا بالنضال والكفاح والمقاومة .

Comments are disabled.