ورد في وسائل الاعلام وفي بعض المقالات لكتاب كبار ان الرئيس المخلوع ، او المقلوع ( ورد في البيان العسكري الذي تلاه وزير الدفاع السوداني عبارة اقتلع النظام السابق وتم التحفظ على رأسه في مكان آمن ، وعبارة اقتلع تستعمل لأول مرة في مثل هذه المناسبات ، حيث كان يقال الرئيس المخلوع او المعزول اما الآن فيمكن القول الرئيس المقلوع او المقتلع ، وبهذا يضاف الى القاموس العربي اصطلاح جديد هو المقلوع او المقتلع ، ومما يؤسف له انه لا يوجد في القاموس العربي الرئيس المستقيل او المتقاعد ، وهو الشي الطبيعي والمعتاد في كل بلاد العالم ) وقد ورد في الاخبار انه وجد لدى الرئيس المقلوع او المخلوع ملايين من العملات الصعبة مثل الدولار واليورو وربما عملات اخرى ، وان صح ما ذكر ، فلاشك ان الامر غريب اذ ان المظاهرات والاحتجاجات بدأت ضد نظام البشير بسبب رفع اسعار الخبز ، كما اتهم الرئيس المقتلع او المقلوع بتبييض اموال وهذا شيء غير معتاد على مستوى رؤساء الدول ، فهل كان الرئيس المقلوع كما قيل فيه ام انه من باب المثل الذي يقول ( اذا وقع الجمل او الثور كثرت سكاكينه ) .

كما هو معروف عمر البشير ضابط في الجيش السوداني قاد انقلاب عسكري قبل ثلاثة عقود من الزمن ضد حكومة الصادق المهدي المنتخبة بموجب انتخابات حرة ، واستولى على السلطة بدون وجه حق ، وبقوة السلاح وقدم تبريرات لا يمكن قبولها او تصديقها وسمى حركته الانقلابية جبهة الانقاذ ، ولم يكن معروفا انقاذ من ؟ ، وانقاذ من ؟ ومن من ؟ ، وظن الناس ان عمر البشير سيمشي على خطى الجنرال سوار الذهب  الذي استولى على السلطة بعد ان قامت ثورة على الدكتاتور جعفر النميري الذي استولى على السلطة واستبد بها حتى اسقطته الجماهير ، وتولى سوار الذهب ليقود مرحلة انتقالية نظم خلالها انتخابات وسلم السلطة للمدنيين ، أما البشير الذي انقلب على حكومة منتخبة ، وكعادة العسكر اعلن البشير وبالتعاون مع احزاب صغيرة وشخصيات سياسية فاشلة انه سينقذ البلد مما وصلت اليه من فساد وسوء ادارة ، وسمى نفسه ومن تعاون معه من السياسيين ( جبهة الانقاذ ) وعلى مدى ثلاثة عقوة ، فرض المشير عمر البشير نفسه على البلد بقوة العسكر  وسلاح العسكر ، واساليب العسكر ، وحول الفشل الى نجاح يتباها بانه حقق نجاحات في مجال التنمية ، وحقق انتصارات في ميادين الحروب الاهلية والصراعات المناطقية ، وهو في الواقع قد عقد الامور واعتمد على الحلول الامنية في الصراعات القائمة التي لو تركت للسياسيين لوجدوا الحلول السياسية للمشاكل التي تعاني منها البلاد خصوصا الصراع  الذي كان قائما بين شمال السودان وجنوبها ، وكان يمكن ان تعالج مطالب الجنوب بالتفاوض والنقاش الهادي ، ولكن الحكم العسكري  اوصل الامور الى درجة الا عودة ، وانتهى بإجراء استفتاء في الجنوب كانت نتائجه معروفة ، وبذلك وبفضل حكم العسكر ومعالجات حكم العسكر الفاشلة ، فقد السودان نصفه الجنوبي وقد شجع ذلك الحركات الانفصالية في الاماكن الاخرى على المطالبة بالاستقلال مما ادى الى مزيد من البطش  واستعمال القوة العسكرية التي لم ولن تحل مشكلة او تقضي على فساد .

كان حكم المشير عمر البشير يتعرض لمطالبات من الاحزاب السياسية والقوى الفاعلة في المجتمع السوداني بعودة الاحزاب وإجراء انتخابات حقيقية حرة ونزيهة تعطي للشعب السوداني حقه في اختيار من يحكمه ، ولكن البشير وجبهة انقاذه كانوا يعتبرون الحكم حق من حقوقهم ، ومن حقوقهم ايضا القضاء على كل من ينازعهم هذا الحق ، وكان البشير في كل مرة يعلن انه لن يترشح في الانتخابات القادمة وسوف يتيح الفرصة للشباب ، وعلى غير بعيد من موعد الانتخابات القادمة يعلن انه وتحت ضغط هائل من كوادر الحزب الحاكم فانه سوف يترشح للانتخابات القادمة ليكمل المسيرة ، وينقذ البلد من الاخطار التي تحيط به ، وعندما اشتعلت الثورة واصبحت الجماهير تطالب برحيل النظام وفي المقدمة البشير ، وكان البشير يخرج بعصاته يرقص بين انصاره ، ويكرر القول ان أي تغيير يتم سوف يتم عن طريق صناديق الانتخاب ونسي او تناسى انه لم يأتي الى الحكم عن طريق صناديق الانتخاب بل جاء على ظهر دبابة ، وانه اغتصب السلطة من حكومة منتخبة ، جاءت عن طريق صناديق الانتخاب وكان يمكن ان تذهب بنفس الطريقة ، ولكن العسكر في السودان وفي كل مكان تطفلوا على ميدان ليس ميدانهم ، وتركو واجبهم الاصلي وهو الدفاع عن حدود الدول التي هيئتهم لذلك ، ولكنهم لبسوا لباس ليس لباسهم وفرضوا انفسهم على الميدان السياسي الذي فشلوا فيه في كل مكان استولوا على السلطة فيه .

Comments are disabled.