ادى قرار حكومة ناريندرا مودي وحزبه جناتا بهارتيا الهندوسي المتطرف بإلغاء المادة 370 من الدستور الهندي والتي تعطي لمنطقة كشمير وضعا خاصا ، ادى ذلك القرار الى ارتفاع حالة التوتر بين البلدين الجارين النوويين الهند وباكستان ، والذين سبق ان خاضا عدة حروب بسبب كشمير ذات الاغلبية المسلمة والتي احتلتها الهند بعد تقسيم شبه القارة الهندية بين الهند وباكستان بعد انتهاء الحكم البريطاني لشبه القارة ، وقد دأبت الحكومة الحالية على التضييق على المسلمين في كل انحاء الهند بطرق مختلفة ومبررات واهية ، اما كشمير فلها النصيب الاوفر من انتهاكات حقوق الانسان .

تعود مشكلة كشمير الى ايام الاستعمار البريطاني الذي كان يحكم شبه القارة ، بعد ان قضى على حكم المسلمين المغول وبدأ يقرب الهندوس على حساب المسلمين ، خصوصا بعد قيام الثورة ضد الانجليز والتي قام بها المسلمون والهندوس بقيادة آخر ملوك المغول بهادر شاه ظفر في عام 1857 والتي تم القضاء عليها من قبل الانجليز حيث حملوا المسلمين مسئولية الثورة وقاموا بإبعادهم عن الوظائف وفي نفس الوقت قاموا بتمكين الهندوس وتقريبهم من دوائر الحكم ومن مؤسسات التعليم الحديث ، وهذا جعل المسلمين ينكفون على انفسهم ويحجمون عن التعليم الحديث الى ان برزت بعض الشخصيات الاسلامية على مسرح الاحداث وتم تأسيس عدد من المؤسسات الاسلامية التي بثت الوعي بين جماهير المسلمين ، حيث بدأت مقاومة حكم الانجليز من جانب ومن جانب آخر المطالبة بقيام دولة خاصة بالمسلمين اذ لم يكن مقبولا تحرير الهند من حكم الانجليز وتحوله الى حكم الهندوس ، وفي عام 1940 اتخذ زعماء المسلمين قرار باكستان في اجتماعهم في لاهور وتحقق لهم ذلك بتطبيق نظرية الشعبين والتي تشير الى ان المناطق ذات الاغلبية المسلمة تكون تابعة لباكستان والمناطق ذات الاغلبية الهندوسية تكون تابعة للهند .

بعد تضحيات كبيرة قدمها المسلمون ونضال مرير قام به زعماؤهم لم يكن امام قيادات حزب المؤتمر الهندي والحكم البريطاني الا الرضوخ لمطالب المسلمين والموافقة على تقسيم شبه القارة بين الهند وباكستان ، وكان المفروض ان تكون كشمير ذات الاغلبية المسلمة تابعة لباكستان ، إلا ان المهراجا الذي كان يحكم كشمير طلب الانضمام الى الهند في مخالفة لكل الاتفاقيات التي تم التقسيم على اساسها ، مما ادى الى نشوب اول حرب بين الهند وباكستان بعد الاستقلال مباشرة واستدعى تدخل الامم المتحدة التي استطاعت ايقاف الحرب وايجاد هدنة بين البلدين واتخاذ قرار اجراء استفتاء لسكان كشمير يعطيهم الحق في تقرير مصيرهم باقتراح من رئيس وزراء الهند في ذلك الوقت جواهر لا ل نهرو ولكن الاستفتاء لم يتم بالرغم من عدد من القرارات اللاحقة من قبل مجلس الامن والجمعية العامة ، حيث تراجعت الهند عن فكرة الاستفتاء ، وبقيت القضية في اروقة الامم المتحدة ، وقد قامت حروب اخرى بين الدولتين بسبب كشمير ، وكان الجزء الذي تحتله الهند يتمتع بوضع خاص بموجب المادة 370 من الدستور الهندي .

ان قيام حكومة الحزب القومي الهندوسي بتحويل الجزء الذي تحتله الهند من كشمير الى ثكنة عسكرية هندية ، وقطع وسائل الاتصال ، وحظر التنقل والتجمع ، والاعتقالات التعسفية لأعداد كبيرة من  السكان هو انتهاك صارخ لحقوق الانسان ومخالفة صريحة للاتفاقات التي تم بموجبها تقسيم شبه القارة ، وعلى المجتمع الدولي التدخل لإيقاف هذه الانتهاكات وحماية ليس شعب كشمير فقط وانما حماية المسلمين في الهند من التغول الهندوسي ومن القوانين الظالمة التي تفرضها الحكومة العنصرية ، كما ان على منظمة التعاون الاسلامي الدعوة لعقد قمة اسلامية لمراجعة العلاقات مع الهند بناء على تعاملها مع مسلمي كشمير والهند .

د. علي محمد سعيد الغامدي

دبلوماسي سعودي سابق

متخصص في منطقة جنوب آسيا

Comments are disabled.