تذكرك الدعاية لعملة البيتكوين والدعوة للاستثمار فيها والوعد بعائد مرتفع يحققه من يستثمر فيها ، كما يقول المروجون لها ، يذكرك بالدعاية لبطاقات سوى قبل عقد من الزمان تقريبا ، عندما انبرى مجموعة من حراس الامن في القطاع الخاص يروجون لبطاقات سوى ويعدون من يودع عندهم 2000 ريال ان تكسب 800 ريال خلال اسبوعين ، مما جعل الكثير من الناس يأتون اليهم بمدخراتهم يستثمرونها ، وعند نهاية كل فترة ، وبعد ابلاغهم بحجم المبلغ الذي اصبح في حسابهم ، يتشجعون على اعادة استثمار المكسب ورأس المال ، وفي بعض الحالات يبيع البعض ممتلكاته وحلي زوجته ليضعها في يد الوسيط او السمسار لتربح اكثر ، وكانت النتيجة ان الجميع خسر المكسب ورأس المال ، والوسيط او السمسار دخل السجن بتهمة النصب والاحتيال ، والفرق بين سوى والبيتكوين ان الاولى محلية ، أما الثانية فعلى مستوى العالم ، وعملة البيتكوين عملة غريبة عجيبة ، عملة افتراضية الكترونية ليس لها وجود مادي ملموس ، ولم تصدر عن بنك مركزي تابع لدولة من الدول وليس لها احتياطي او سلطة مالية تضمن قيمتها وتنظم تعاملاتها، ويمكن الرجوع اليها عندما تتبخر هذه العملة ، وبالرغم من التحذيرات التي اطلقها اساتذة الاقتصاد وخبراء المال من الوقوع في فخ المروجين لهذه العملة ، وانها فقاعة لن تلبث طويلا حتى تنفجر وتضيع الاموال التي غامر اصحابها بشراء عملة هوائية ، ويختفي المروجون والناصحون بالاستثمار في تلك العملة الافتراضية .
يقول الكاتب الاقتصادي الدكتور عبد الله دحلان عن هذه العملة : ان بداية ظهور عملة البيتكوين التي لم يعهدها الاقتصاد العالمي كانت في عام 2009 وقد صممها شخص مجهول الهوية وأطلق على نفسه اسم ( ساتوشي ناكاموتو ) وهي اول عملة مشفرة او الكترونية يتم تداولها عبر شبكة الانترنت بشكل كامل دون وجود مادي لها ، ودون وجود هيئة تنظيمية مركزية تشرف عليها ، فهي العملة الافتراضية التي تعمل وفقا لنظام لا مركزي حيث يتم تبادل هذه العملة بين طرفين فقط دون وجود وسيط ، وتسمى هذه العملية ( الند بالند ) وبدون تحمل أي رسوم تحويل بين حساب وآخر ، كما يمكن استخدامها للشراء والبيع عبر الانترنت ، ويمكن تحويلها الى عملات أخرى في بعض الدول الأوروبية وقبض ثمنها بعملات حقيقية مثل الدولار والين والإسترليني وغيرها ، ويضيف الدكتور دحلان انه منذ اصدار عملة البيتكوين فان عمليات التداول بها تزداد يوما بعد يوم وذلك بسبب عدم ارتباطها بموقع جغرافي وعدم وجود الضوابط المالية ، وعدم اعتمادها على الوسيط المالي وكذلك تداول الشائعات باعتمادها في بعض البلاد ، ويخلص الدكتور عبد الله دحلان الى القول : إن من واجبي كاقتصادي متابع لتوقعات المحللين الماليين الدوليين ان احذر المواطنين من التورط والتعامل بها والتريث في استخدامها حيث ان معظم التوقعات الاقتصادية تحذر من انهيارها المفاجيء .
اذا كان من روج لبطاقات سوى محليا كانوا من محدودي التعليم والثقافة ويعملون في اعمال متواضعة كحراس امن او في بعض الحالات من العاطلين عن العمل الذين لم يكملوا تعليمهم الثانوي ، فان من يروج لعملة البيتكوين ويدافع عنها وينفي عنها المخاطر هم اناس مجهولون ، ويستخدمون اسماء مستعارة في وسائل التواصل الاجتماعي ماعدا بعض الاشخاص الذين استثمروا فيها ومن غير المؤكد مدى استطاعتهم استرداد اموالهم فيما لو رغبوا في ذلك.