احتفل العالم في يوم 8 مارس الماضي باليوم العالمي للمرأة ، وقد احتفل بهذه المناسبة الرجال قبل النساء ، حيث كتبت المقالات ونظمت القصائد ، واقيمت حفلات الموسيقى والرقص ، وجهزت موائد الاكل والشرب ، كل ذلك تقديرا واحتراما للمرأة او هكذا قيل وكأن المرأة قد حصلت على كامل حقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية ولو ليوم واحد في العام ، مع ان كثير من النساء في اماكن كثيرة من العالم تنتهك حقوقهن الاساسية ، ويتعرضن للقتل والاغتصاب والتشريد ، خصوصا في البلاد التي ابتليت بالحروب والاضطرابات وسادت فيها الفوضى وعدم الاستقرار .
تعود فكرة اليوم العالمي للمرأة الى العام 1856 عندما تظاهر آلاف النساء في مدينة نيويورك الامريكية احتجاجا على الظروف الصعبة التي كن يعملن فيها ، ويطالبن بتحسين ظروف العمل ، ومساواتهن في الاجور بالرجال والتخفيف عليهن في ساعات العمل ، ولكن الشرطة تدخلت وفرقت تلك المظاهرات بوحشية وعنف وعاملتهن بطريقة غير انسانية ، ولكن النضال لم يتوقف ، وقد ادت تلك المظاهرات دورا كبيرا في تحسين وضع المرأة ، وتغيير النظرة السلبية التي كانت سائدة ، ولو ان ذلك التغيير لم يكن كافيا ولا مرضيا ، وفي 8 مارس 1908 خرج عدد كبير من النساء في مسيرة في نيويورك مطالبات بتقليل ساعات العمل وزيادة الاجور ومنحهن الحق في التصويت ، وفي عام 1910 اقترحت الناشطة الالمانية كلارا زيتكن في مؤتمر دولي للنساء ان يصبح يوم 8 مارس من كل عام يوما عالميا للمرأة ، وقد وافق النساء المجتمعات بالإجماع على الاقتراح ، واصبح هذا التاريخ هو اليوم العالمي للمرأة ، ومنذ 8 مارس 1911 اصبح الاحتفال بهذا التاريخ تقليدا سنويا ، أما الامم المتحدة فقد بدأت بالانتظام في الاحتفال بيوم المرأة العالمي سنويا في عام 1975 ، حيث يتم تسليط الاضواء على انجازات المرأة وارتقائها في المجتمع وتوليها المراكز المختلفة في مجتمعاتها وفي المجال الدولي والاقليمي .
تتراوح الاحتفالات باليوم العالمي للمرأة من اقامة حفلات الرقص والموسيقى الى حفلات تجمع الاصدقاء والاقارب في تجمعات بسيطة ، وكما ذكرت سابقا في كتابة مقالات ونضم قصائد وعمل تغريدات في وسائل التواصل الاجتماعي تشيد بدور المرأة في بناء الاسرة والمجتمع وتطالب بتمكينها من الوصول الى المراكز التي تستحقها ، وعدم التمييز بينها وبين الرجل في الوظائف والاجور واحتلال المناصب ، والعمل على تكريمها كأم ومربية للأجيال القادمة ، وسن القوانين التي تحميها من استبداد الرجل وسيطرته على حقها في العمل ومساعدتها في ادارة المنزل خصوصا اذا كانت عاملة وام لعدة اطفال ، ويختلف الاحتفال باليوم العالمي للمرأة من بلد الى بلد فتزيد في بعض البلاد لتكون عطلة رسمية لكل العاملات والموظفات وحتى ربات البيوت ، ويكتفى في بلاد اخرى بالمكتوب والمنطوق وفي يوم واحد فقط .
لم تحظ المرأة في العالم الاسلامي بما حظيت به شقيقتها في الغرب ، والعيب ليس في الاسلام وانما في المسلمين الذين يفسرون النصوص الدينية تفسيرا خاطئا نتيجة عدم فهم الدين فهما حقيقيا ، فالإسلام قد حفظ للمرأة كامل حقوقها ، وكما ورد في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم انه قال : ( النساء شقائق الرجال ) وكما ورد في خطبة الوداع قوله صلى الله عليه وسلم : استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عوان عندكم ، وتوضح هذه الاحاديث واحاديث اخرى ان الاسلام كرم المرأة ورفع من شأنها وضمن لها كافة الحقوق بما في ذلك حق الميراث والنفقة بما يضمن لها كافة الحقوق الاخرى التي لا يصلح المجتمع الا بتحقيقها ، وحقوق المرأة في الاسلام حقوق ثابتة ودائمة ولا ترتبط بيوم معين او اسبوع معين او شهر معين ، واذا كان الاسلام قد جعل القوامة للرجل وجعل الطلاق بيد الرجل ، فانه لم يجعل هذا الحق مطلق للرجل ، وحرم المرأة منه ، بل انه اعطى للمرأة الحق في الانفصال عن زوجها اذا لم تستطع البقاء عنده والعيش معه ، عن طريق ما يعرف ( بالخلع ) لان من اهداف الزواج بناء اسرة وانجاب وتربية الاطفال لتستمر الحياة ، وهذا لا يتأتى إلا اذا اخذ كل ذي حق حقه وادى كل واجبه تجاه اسرته وتجاه المجتمع وتجاه الانسانية جمعا .