احتفل الباكستانيون وكثير من المسلمين غير الباكستانيين وبعض الشرقيين من غير المسلمين وغير الباكستانيين بيوم شاعر الشرق وشاعر الاسلام العلامة والفيلسوف والسياسي والاقتصادي ورجل القانون الدكتور محمد اقبال ، صاحب قصيدة شكوى وجواب شكوى التي ترجمت الى عدة لغات وفي مقدمتها اللغة العربية وغنتها المغنية المصرية المعروفة بكوكب الشرق ام كلثوم ولحنها الملحن المصري المشهور رياض السنباطي ، ومازالت تستهوي المستمعين في المواسم الدينية الاسلامية مثل رمضان والعيدين وايام الحج وفي يوم مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم .
في جدة نظم المجلس الباكستاني للمنقطعين ( PRC ) ندوة احتفالا بالمناسبة وحضرها جمع من افراد الجالية الباكستانية ، وتحدث فيها بعض زعماء الجالية الباكستانية ، وقد بدأت الندوة بتلاوة مباركة من القرآن الكريم ثم توالى المتحدثون يشيدون بصفاة هذا العبقري الذي برز في كل ميدان طرقه ، وخصوصا في مجال الشعر ، وقد القيت قصائد بعضها من شعره وبعضها نظمها شعراء كانوا مشاركين في الندوة .
عندما جاء دوري في الكلام شكرت المجلس الباكستاني للمنقطعين على دعوتي للمشاركة في هذه الندوة التي تقام احياء لذكرى رجل غير عادي كان له دور عظيم في إيقاظ الامة الاسلامية وخصوصا مسلمي شبه القارة الهندية ، وكان له دور بارز وفعال في الحركة السياسية التي ادت الى قيام دولة باكستان لتكون وطنا لمسلمي شبه القارة ، وهناك من يقول انه هو من اختار اسم باكستان ، ولكن هناك من يقول ان من اختار الاسم هو شودري رحمت علي ، وبصرف النظر عن من اختار الاسم فان الدور الذي قام به اقبال لا يمكن التقليل منه ، وفي مرحلة من المر احل اختلف مع القائد الاعظم محمد علي جناح والذي كان في البداية يحاول توحيد المسلمين والهندوس ، ولكنه عاد واتفق مع العلامة اقبال بضرورة ان يكون للمسلمين دولة خاصة بهم ، وللأسف ذهب للقاء ربه قبل ان ترى باكستان النور .
محمد اقبال ولد في مدينة سيالكوت ثم انتقل الى لاهور وكان والده رجل صالح واراد ان يجعله يتخصص في العلوم الدينية فكان يطلب منه قراءة القرآن وبعد ان يكمل القراءة يطلب منه اعادة القراءة ، وعندما تكرر ذلك من والده سأله عن السبب فقال الاب اريدك تقرأ القرآن كما انزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولكن استاذه وصديق والده مير حسن ابلغ والد محمد اقبال بان هذا الطفل يجب ان يتعلم في المدرسة وهكذا بقي تحت اشراف استاذه مير حسن الى ان تخرج من الكلية ، ثم درس الفلسفة الاسلامية على يد استاذ الفلسفة السير توماس ارنولد ، وبعد ذلك درس في الكلية الحكومية في لاهور ، ونبغ في الشعر ، ثم عزم على الرحيل الى اوروبا للتزود بمزيد من العلم تنفيذا لمشورة استاذه السير توماس ارنولد ، وقصد انجلترا حيث درس الفلسفة في جامعة كمبردج ونال درجة الفلسفة منها ، ثم سافر الى المانيا والتحق بجامعة ميونخ وحول رسالته للدكتوراه الى كتاب نشره في لندن واهداه الى استاذه توماس ارنولد .
عاد اقبال الى وطنه من اوروبا واستقبل استقبالا حارا من تلاميذه ومعارفه ومحبيه ومارس التدريس والمحاماة والسياسة بالإضافة الى نظم الشعر وقد برز في كل المجالات التي طرقها ، والف الكتب وترجم شعره الى عدد كبير من اللغات وفي مقدمتها اللغة العربية حيث ترجم عبد الوهاب عزام كثير من شعره وكتب عنه كتابا كتب مقدمته عميد الادب العربي طه حسين ، أما رائعته شكوى وجواب شكوى فقد ترجمها شعرا الصاوي شعلان وكما ذكر سابقا غنتها المغنية المصرية المشهورة ام كلثوم وحظيت بشعبية كبيرة لما تحتويه من روحانيات وعواطف اسلامية .
لا يمكن حضور أي فعالية ينظمها المجلس الباكستاني للمنقطعين دون تذكر اولئك المنقطعين الذين يعيشون في مخيمات بائسة تفتقد لأبسط متطلبات الحياة وكل ذنبهم انهم اختاروا الهجرة الى باكستان ولسوء حظهم انهم هاجروا الى باكستان الشرقية عند تقسيم شبه القارة بين الهند وباكستان ، ثم اختاروا الوقوف مع الجيش الباكستاني عندما نشبت الحرب الاهلية والتي ادت الى قيام دولة بنغلادش والتي اعتبرتهم خونة لوقوفهم مع الجيش الباكستاني لتبقى باكستان موحدة ، وبينما حلت كثير من المشاكل بين باكستان وبنغلادش ( باكستان الشرقية سابقا ) ، بقيت مشكلة المنقطعين الذين كانوا وما زالوا وسيظلون متمسكين بجنسيتهم الباكستانية ، وقد وعدت كل الحكومات الباكستانية المتعاقبة بحل مشكلتهم ولم تتحقق تلك الوعود باستثناء ما قام به الجنرال ضياء الحق ونواز شريف ، ولكن الموت لم يمهل الاول والانقلابات العسكرية لم تمهل الثاني ليكملا ما بدآه لنقل وتوطين اولئك الباكستانيين المنقطعين في بنغلادش ، والامل الآن في رئيس الوزراء الجديد عمران خان لحل هذه المشكلة التي تسيء الى المبدأ الذي قامت عليه باكستان ، ونذكره بان التاريخ سيقول كلمته في النهاية .