كان بناء جدار على الحدود المكسيكية الامريكية من اكثر وعود الرئيس الامريكي دونالد ترمب اثناء حملته الانتخابية بعد وعوده لإسرائيل ، وكان يعد بجعل المكسيك هي من تتولى تمويل بناء ذلك الجدار الذي يقول خصومه وبعض الموالين له انه غير ضروري وغير منطقي وغير اخلاقي ، وكان الجميع يعتقد ان الوعد ببناء الجدار لا يتعدى ان يكون من ضمن الوعود الانتخابية التي تطلق للاستهلاك المحلي ، وانه من الوعود التي سوف تتبخر بعد فوز السياسي الذي يطلقها ويقال لتبريرها انها وعود انتخابية قد تتحقق وقد لا تتحقق .
بعد فوز الرئيس ترامب غير المتوقع ، كرر الحديث عن الجدار وانه سيجعل المكسيك تقوم بتمويل بنائه ، وكان الرئيس المكسيكي ينوي زيارة واشنطن ، ربما لتهنئة الرئيس الجديد ، ولكنه الغى الزيارة واعلن في خطاب بثه التلفزيون : لقد قلت مرارا وتكرارا بان المكسيك لن تدفع لبناء جدار ، وقال ايضا : اعرب عن اسفي وأدين قرار الولايات المتحدة لمواصلة بناء جدار يفصلنا بدلا من ان يوحدنا ، وكان الرئيسان قد التقيا في المكسيك اثناء الحملة الانتخابية لدونالد ترمب ، مما ادى لانتقادات شديدة للرئيس المكسيكي في داخل بلاده بسبب لقائه المرشح الامريكي الذي ينوي في حالة فوزه بناء جدار يفصل البلدين عن بعضهما .
بعد فوزه في الانتخابات التي يقال ان روسيا لعبت دورا غير نظيف في ذلك الفوز ، قرر دونالد ترمب الوفاء بكل وعوده اثناء حملته الانتخابية ، وكان اول خطيئة يرتكبها دونالد ترمب تنفيذ وعده بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وكان القدس قطعة ارض في نيويورك يمتلكها ترمب ، ثم يأمر بنقل السفارة الامريكية الى القدس منتهكا كل القرارات الدولية التي تنص على ان القدس ارض محتلة ، ومع ذلك يفاخر بانه اعطى ما لا يملك لمن لا يستحق ، متحديا ابسط الاعراف والقوانين الدولية ، ثم حول اهتمامه لبناء الجدار على حدود المكسيك ، إلا انه توقف عن مطالبة المكسيك بتمويل جدار لا تريده ولا ترغبه وتعتبره عائقا لقيام علاقات سليمة ومتطورة ومثمرة بين الجارين العضوين في اتفاقية النافتا والتي تربطهما مع كندا في اتفاقية تجارية اعلن ترمب نيته بإلغائها وعمل اتفاق ثنائي مع المكسيك بعد ان تخلى عن مطالبتها بتمويل الجدار ، وان لم يتخلى عن عزمه على بناء الجدار بتمويل من الميزانية الامريكية .
بعد حصول الديموقراطيين عل الاغلبية في مجلس النواب ، اعلنوا عدم موافقتهم على تمويل بناء الجدار ، في حين أكد الرئيس عزمه على البناء ، وطلب ميزانية لهذا الغرض بلغت خمسة مليار وستمائة مليون دولار وقال ان في بناء الجدار ضرورة لمنع تدفق الهجرة غير الشرعية ومنع تهريب المخدرات ، ووصف حالة الحدود الامريكية مع المكسيك بانها ازمة انسانية وامنية ، مشيرا الى ان السبب يعود الى الهجرة غير الشرعية والسلع المهربة التي لا تخضع للرقابة ، وقال : ان حدودنا الجنوبية هي بوابة الدخول لكميات ضخمة من اخطر انواع المخدرات بما فيها ( الميثا فيتامين والهيرويين والكوكايين والفينتانيل ) محملا خصومه الديمقراطيين المسئولية عن الاغلاق الحكومي الذي امر به ، بسبب رفض تمويل بناء الجدار الضروري لأمن الحدود ، ولم تقنع الحجج التي اوردها الرئيس خصومه من الديمقراطيين لأسباب عدة منها عدم وجود ضرورة له ومنها انه غير اخلاقي ، وكذلك عدم تغطية كل الحدود واعتقادهم ان الرئيس يريد ارضاء بعض مؤيديه تمهيدا لكسب تأييدهم عندما يحين موعد ترشيح نفسه لفترة ثانية ، وقد فشل الاجتماع الذي دعا اليه في البيت الابيض لحل مشكلة الاغلاق الحكومي الذي فرضه ويهدد ببقائه اشهر او سنوات مالم يعتمد المبلغ المطلوب لتمويل بناء الجدار ، كما يهدد بإعلان حالة الطواري وان من حقه فعل ذلك إلا ان المراقبين يحذرون من عواقب وخيمة لو فعل ذلك .
يرى المراقبون ان تصرفات الرئيس دونالد ترمب تخرج عن القيم والتقاليد الامريكية التي سار عليها الرؤساء الامريكيون السابقون ، فبالنسبة له كل المصائب والسيئات التي تعاني منها الولايات المتحدة سببها الرئيس باراك اوباما وادارته ، وكل الانجازات التي تحققت في عهد اوباما حولها الى سيئات وتعهد بإلغائها ومنها على سبيل المثال نظام الرعاية الطبية التي عرفت ب (اوباما كير ) الذي تعهد بالقضاء عليه ، ولكنه لم يستطع ولكنه مستمر في الطعن في كل شيء فعله اوباما مهما كان صوابه ، وبطريقة يقول المراقبون المر انها لم تحدث من قبل .