قبل عدة اسابيع وبالضبط يوم 20 مارس الماضي الغيت كل ارتباطاتي ومواعيدي من اجل توديع عبد المجيد في مطار جدة ، أما من هو عبد المجيد فهو السائق الذي عمل معي لأكثر من 20 سنة منها 18 سنة تحت كفالتي ، أما السنتين التي سبقت هذه المدة فكان على كفالة شخص آخر يسكن في مكة المكرمة ، ولموضوع انتقاله من كفالة الشخص الآخر الى كفالتي قصة تستحق ان تروى وان تقرأ ، وتتلخص في انه كان لدي حارس من بنغلادش ، وقرر السفر وقام بإحضار عبد المجيد ليحل مكانه فسألته ان كان لديه اقامة ، وان كان كفيله يوافق على ان يعمل لدي لمدة محددة وان تكون موافقة الكفيل مكتوبة ، فابلغني ان الكفيل موافق على ان اطلب منه ذلك كتابيا ، فوجهت له خطابا اطلب منه السماح لعبد المجيد بالعمل عندي على سبيل الاعارة والتجربة تمهيدا لنقل كفالته الي ، وبعد تجربته لعدة اشهر وجدته مناسبا ، فكتبت لكفيله السابق اطلب منه الموافقة على التنازل عنه ، وفي حالة موافقته يقوم بكتابة تنازل عن خدماته وتصديق ذلك من العمدة ، وقد تلكأ في ارسال التنازل ، ولكنه بعد اتصالات ومراجعات ، قام بإرسال التنازل ، وقد اخذت التنازل وذهبت الى ادارة الجوازات وشرحت للموظف المختص عن رغبتي في تحويل خدمات الحارس عبد المجيد الى كفالتي وابرزت تنازل كفيله الاول فطلب مني جواز سفره ، ولم يكن بحوزتي إلا دفتر الاقامة ، ولكنه قال لابد من احضار جواز السفر ، وبسؤال عبد المجيد عن جواز سفره افاد ان جواز السفر لدى الكفيل في مكة المكرمة ، وطلبت منه احضاره حيث ان نقل الكفالة لن يتم الا بوجود جواز السفر ، ولكنه ذهب الى مكة المكرمة وعاد دون يكون جواز السفر معه ، واخذ الكفيل يماطل في تسليم الجواز ، وقد اتصلت انا بالكفيل وقلت له انك تنازلت عن خدماته وبقي جواز السفر وان نقل الكفالة يتطلب وجود جواز السفر ، وقلت : ما دمت كتبت التنازل وصدقت عليه من قبل العمدة فماذا تريد بالجواز ؟ ولكن للأسف لم اجد منه أي تجاوب بل انه اصبح لا يجاوب على اتصالاتي مما دعاني الى الطلب من احد الاصدقاء الاتصال به وافهامه بضرورة تسليم الجواز لإكمال بقية الاجراءات نحو نقل الكفالة ، ولكنه لم يصل معه الى نتيجة وبعد عدة اتصالات اكتشف انه سلم الجواز لإدارة الجوازات مبلغا على انه هرب ، فقلت : كيف يقول انه هرب وهو كتب التنازل بخط يده وصدقه من قبل العمدة ، وقلت له : يمكنك ان تشتكي وانا مستعد بالشهادة على ما حصل ، ولكنه فضل عدم الدخول في معمعة الشكاوي .. قمت بالذهاب الى الجوازات في محاولة للحصول على جوازه ، ولكني ابلغت انهم لا يحتفظون بجوازات الهاربين وانهم يرسلونها الى سفارات بلادهم عن طريق وزارة الخارجية ، فذهبت الى وزارة الخارجية في محاولة للعثور على جواز سفره ، ولكن القسم المختص ابلغني انهم يرسلون جوازات السفر التي تصلهم من ادارة الجوازات الى الممثليات اولا بأول ، واخيرا ذهبت الى القنصلية الهندية ابحث عن جواز سفر عبد المجيد ولكني لم اجده .. كان لدي تأشيرة في القنصلية في بومبي وطلبت منه السفر الى الهند وسوف اعطيه تخويل للحصول على التأشيرة ، ولكنه فضل العودة الى كفيله على امل ان يساعده في حل المشكلة ، وذهب الى مكة ولم يعد ، فقلت في نفسي ربما وجد حلا لمشكلته لدى كفيله السابق .. بعد اكثر من شهر جاءني احد اصدقائه وقال : ان عبد المجيد في الترحيل ويطلب منك مساعدته ، فذهبت الى الترحيل ودخلت الى القاعة التي يوجد فيها عبد المجيد بصعوبة اذ لم يكن الوقت وقت زيارة ، وبعد النداء عليه اطل من طاقة القاعة المكتظة بالموقوفين وسألته كيف وصل الى الترحيل ؟ فقال انه اثناء ذهابه الى مكة طلبت منه الاقامة ووجدت منتهية فأوقف واحضر الى الترحيل .. شعرت بانه تعرض لظلم من قبل كفيله السابق فقررت مساعدته لوجه الله وقضيت اربعة ايام في المراجعة والمرافعة ، ولحسن حظه انني وجدت ضابطا اعرفه وشرحت له القضية ولم يتردد في المساعدة ، وفي خلال اسبوع تم ترحيله الى بلده ، وبعد قضاء عدة اشهر مع عائلته اخذ التأشيرة وحضر الى المملكة تحت كفالتي بمهنة سائق خاص ، ولم يكن يحسن القيادة ، وقد ارسلته الى مدرسة دلة حيث تعلم القيادة ، ولكنه رسب في الامتحان مرتين ونجح في المرة الثالثة .
عمل عندي لمدة 18 سنة وكان خلوقا مؤدبا صبورا تولى إيصال اولادي الى المدارس من المرحلة الابتدائية وحتى الجامعة وكان له المام بالكهرباء والسباكة ويقوم بإصلاح الاشياء البسيطة ، ومنذ شهرين ابلغنا انه قرر العودة الى بلده واسرته ، وقد حاولت انا واسرتي اقناعه بان يذهب في اجازة طويلة ويعود ، ولكنه اعتذر ، ولم يكن امامنا الا القبول بقراره مع التمنيات له بكل خير ، ووجدت من واجبي الذهاب معه الى المطار وكان معي ابني محمد الذي يدرس في السنة النهائية بالجامعة وضحى بالمحاضرات في ذلك اليوم ليكون معي في توديع عبد المجيد .