برحيل الامير طلال بن عبد العزيز آل سعود يفقد العمل الخيري المنظم الهادف الى تحقيق التنمية المستدامة احد رموزه والداعمين له ، فقد كان رحمه الله مهموما بتحقيق التنمية في المجتمعات العربية والاسلامية خصوصا للفئات الفقيرة والمعدمة وفئة الشباب والنساء على وجه اخص ، فسخر وقته وجهده وماله لهذه الاهداف النبيلة بطرق مباشرة وغير مباشرة ، وأسس لتحقيق هذه الاهداف برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الامم المتحدة المعروف ب  ( اجفند ) والذي كان يركز بقدر كبير على منظمة الامم المتحدة لرعاية الطفولة ( اليونيسيف ) وهذا لا يعني انه اهمل الجوانب الاخرى مثل قضايا الفقر وقضايا المرأة وقضايا البيئة وقضايا التعليم ومكافحة الامية ، ويظهر هذا الاهتمام من مسمى البرنامج الذي ارتبط بالأمير ( أجفند ) حيث انه اسس ليدعم منظمات الامم المتحدة على مختلف تسمياتها وتخصصاتها ، وكان يحقق نجاحات بفضل وجود الامير على قمة المسئولية فيه بوقته وفكره وماله وجاهه ، وبحكم شخصية الامير ومكانته ووجاهته كانت تذلل كثير من الصعاب التي تواجه بعض المشاريع التي يتم تنفيذها في بعض الدول والمجتمعات التي لم تتعود على مثل هذه المشاريع التي ينفذها اجفند بتوجيه ومتابعة الامير طلال بن عبد العزيز .

كان الامير طلال بن عبد العزيز بجانب الجهد الذي يبذله في برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الامم المتحدة ( اجفند ) يشارك في الكثير من البرامج والانشطة الخيرية عندما يطلب منه ذلك ، ومن تلك الانشطة عضويته في الوقف الذي اسسته الحكومة الباكستانية بالتعاون مع رابطة العالم الاسلامي اثناء حكم الجنرال محمد ضياء الحق في الثمانينات من القرن الماضي ، وكان الهدف من انشاء الوقف نقل وتوطين الباكستانيين المنقطعين في بنغلادش ( البيهاريين )  منذ انفصال باكستان الشرقية وقيام دولة بنغلادش ، وهؤلاء المنقطعون هم الذين هاجروا الى باكستان الشرقية من ولاية بيهار الهندية عند تقسيم الهند بين باكستان والهند ، وقد هاجروا الى باكستان الشرقية  بحكم قربها من موطنهم الاصلي في الهند ، وقد وقفوا مع الجيش الباكستاني ضد الانفصال مما جعل بنغلادش تعتبرهم خونة ، وتم طردهم من بيوتهم ووضعوا في مخيمات في اماكن مختلفة من بنغلادش في انتظار نقلهم وتو طينهم في باكستان ، وللأسف تجمد الوقف بعد موت ( رئيسه ) الجنرال ضياء الحق .

عندما كنت اشغل منصب القنصل العام للمملكة العربية السعودية في اسطنبول حضر الامير طلال بن عبد العزيز وقرر تنظيم وتمويل حفل يخصص ريعه لأطفال البسنة والهرسك حيث كانوا يتعرضون لحرب ابادة من قبل الصرب ، وكانت قيمة تذكرة الدخول الى ذلك الحفل 500 دولار وقد استقدم الامير مغني امريكي على حسابه الخاص لإحياء الحفل ، وكان الاقبال على ذلك الحفل كبيرا لسببين السبب الاول ان ما يدفعونه سيذهب لعمل خيري والسبب الثاني ان من نظم الحفل وموله الامير طلال بن عبد العزيز ، أما الدخل الذي سوف يتحقق منه فهو لصالح أطفال البسنة والهرسك ، وحسب ما علمت انه حتى التذاكر الخاصة بالأمير وعائلته واصدقائه دفع قيمتها من ماله الخاص ، وكان السفير السعودي في انقرة الاستاذ ناجي مفتي قد حضر الى اسطنبول للسلام على الامير ، وكان هو وانا من ضمن ضيوف الامير في ذلك الحفل ، كما كان من ضمن ضيوفه السيد عدنان خاشقجي الملياردير السعودي السابق وزوجته ، وقد كان لمبادرة الامير بإقامة هذا الحفل صدى طيبا في المجتمع التركي وثناء على الامير ومبادرته ، كما سلط الضوء على جهوده في مجال الاعمال الخيرية والتنموية .

هذا بعض ما عرفت واطلعت عليه من اعمال الامير الخيرية ، وهناك اعمال كثيرة تحسب للأمير لا يتسع المجال لذكرها ومنها تأسيسه للجامعة العربية المفتوحة والتي استفاد منها آلاف الطلاب العرب ، كما ان الامير قد قابل مؤسس بنك الفقراء في بنغلادش الدكتور محمد يونس واستحسن الفكرة وانشأ بنوك فقراء في عدد من البلاد العربية والاسلامية ، وكان الهدف منها مساعدة الفقراء بمنحهم قروض صغيرة ليتمكنوا من تمويل مشاريعهم الصغيرة ، وعدم تركهم للاستغلال من قبل المقرضين الافراد الذي يتقاضون فوائد كبيرة ترهق المقترض وتجعله غير قادر على السداد مما يضاعف تلك الفوائد وتجعل المقترض تحت رحمة اولئك المقرضين الطماعين . رحم الله الامير طلال بن عبد العزيز واسكنه الجنة وخالص العزاء لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ولكافة اسرة الفقيد ومحبيه                                    

Comments are disabled.