كثرت التمنيات والتخمينات والتوقعات من وزير العمل الجديد في ان يقوم بإعادة النظر في بعض القرارات التي اتخذها الوزراء السابقون ، والتي ثبت ان ضرر بعضها اكثر من نفعها ، بدليل ما كتب في الصحف ، وتناولته وسائل التواصل الاجتماعي ، وما يتحدث به المتحدثون في المجالس الخاصة ، وفي هذه المقالة سوف اركز على واحد من تلك القرارات وهو قرار فرض رسوم شهرية على مرافقي العاملين في المملكة ، والذي كان له عدة اهداف منها زيادة دخل الدولة ، وتخفيض التحويلات الى الخارج من قبل العاملين في المملكة ، ولكن النتيجة لم تكن كما كان متوقعا منها ، فكثير من العاملين بدلا من دفع الرسوم التي فرضت على مرافقيهم ، شعروا انها فوق طاقتهم وانهم غير قادرين على دفعها ، وخصوصا انها تصاعدية ، فقاموا بترحيل مرافقيهم الى بلدانهم الاصلية ، وظلوا بمفردهم ، حيث تجمع كل ثلاثة او اربعة منهم في شقة واحدة يتقاسمون اجرتها ويختصرون المصاريف اليومية ، فقل الصرف في الداخل ، وزاد التحويل الى الخارج ، فمن كان يصرف 80% من راتبه في داخل المملكة مقابل اجار السكن ومصاريف الاكل والشرب والتنزه والعلاج ودراسة الاولاد ، واصبح يحول 80 الى 90% من راتبه الى الخارج لمصاريف عائلته ، ويقوم هو بصرف من 10 الى 20% على نفسه ، اذ كما ذكرت يتفق مع ثلاثة او اربعة من اصدقائه وزملائه ليقوموا باستئجار شقة ، وربما بيت شعبي يعيشون به جميعا حتى يوفروا اكبر قدر ممكن من رواتبهم من اجل تحويلها لأسرهم في بلدانهم ، وقد يفعلون ذلك لوقت محدد ، وهناك من فضل المغادرة مع اسرته لعدم استطاعته العيش بعيدا عن زوجته واطفاله .
بصرف النظر عن الفوائد المالية التي كان يتوقعها صاحب القرار ، وبصرف النظر عن ما تحقق وما لم يتحقق من تلك التوقعات والاهداف ، إلا ان الخسارة التي لحقت بالاقتصاد الوطني هي اكبر من الفوائد التي تحققت ، وقد ظهرت الاضرار في وجود آلاف الشقق الخالية حيث لا تمر بشارع في المدن الرئيسية إلا وتصدمك كثرة الاعلانات عن وجود شقق للتأجير ، كما ان الايجارات في العموم قد انخفضت بنسب تتراوح بين 20 و 30% بسبب زيادة العرض على الطلب ، مما ادى الى توقف شبه كامل لحركة البناء مع وجود ركود ملحوظ لدى محلات بيع الاسمنت وادوات البناء الاخرى ، كما تأثرت اسهم شركات الاسمنت ، خصوصا الجديدة منها ، حيث هبط سعر سهم بعضها الى اقل من سعر الاكتتاب ، أما اسهم الشركات القديمة والتي ارتفعت اسهمها في السنوات الماضية الى مستويات عالية ، فقد هبطت اسهمها الى النصف مما كانت عليه في السابق ، وما لم توجد حلول استراتيجية ، كالتصدير مثلا ، فان مستقبلها سيكون غير واضح وغير مضمون .
لعل وزير العمل الجديد يعيد النظر في بعض القرارات السابقة ومنها قرار الرسوم الشهرية على مرافقي العاملين والذي تحدثت عنه في هذا المقال ، وقد تسبب في اضرار اجتماعية ونفسية للعاملين وأسرهم ، حيث شتت العائلة وفرق بين افرادها ، ولم يحقق الاهداف التي اتخذ من اجلها ، على الاقل المادية منها ، بل ربما يسبب اثار سلبية على المجتمع ، كما يخلق شعور بالمرارة لدى العاملين الذين عاشوا بيننا حينا من الدهر ، وساهموا مساهمة تشكر ولا تنكر في تطور البلد وتنميتها .
.