من المؤكد انه قبل قيام أي شركة ان تجرى دراسات جدوى اقتصادية وهي عبارة عن جمع اكبر قدر من المعلومات عن مجال هذه الشركة التي يراد تأسيسها ، ومن ثم تحليل هذه المعلومات لمعرفة مدى امكانية نجاح الشركة ومعرفة المخاطر ان وجدت ، والربحية المتوقعة للشركة المراد تأسيسها ، وبعد ذلك يتم اتخاذ القرار نحو انشاء الشركة ، ولابد من مراجعة كافة الدراسات والمعلومات من قبل السلطات المختصة خصوصا اذا كانت الشركة المراد تأسيسها سوف تطرح للاكتتاب العام .

تأسس عدد من الشركات في السنوات الماضية ، وطرحت للاكتتاب العام ، واقبل الناس على الاكتتاب فيها بكثافة ، وكان التخصيص ضئيل جدا الى درجة ان ما خصص للفرد الواحد في بعض تلك الشركات لا يتعدى عدد اصابع اليد الواحدة .

 واحدة من تلك الشركات مضى على تأسيسها ربع قرن تقريبا ولم توزع أي ارباح طوال عمرها المديد ، وبعد حوالي عشر سنوات من التأسيس تحمس عدد من المساهمين ممن يمتلكون قدر كبير من اسهم الشركة ، وقاموا بإسقاط مجلس الادارة السابق الذي فشل في تحقيق أي ارباح ، وقاموا باختيار مجلس ادارة جديد ، وقد رحب بهذه الخطوة الكثير من المساهمين خصوصا صغار المساهمين ، وتوقعوا ان يتغير وضع الشركة الى الافضل حتى تتمكن من توزيع ارباح على المساهمين خصوصا اولئك الذين اشتروا اسهم في وقت ارتفاع اسعار الاسهم في السوق السعودي ، ولكن الذي حصل ، ان الادارة الجديدة لم تكن بأفضل من سابقتها ، ان لم تكن اسوأ منها ، فالوعود التي بموجبها تم اسقاط مجلس الادارة لم يتحقق منها شيء ، وليت الامر وقف عند هذا الحد ، ولكن مقر الشركة الذي بنته الادارة السابقة والذي يقع على احد افضل شوارع جدة ويتكون من عمارة من سبعة ادوار ، قامت الادارة الجديدة ببيعه  بسبب الديون التي تراكمت على الشركة في ظل الادارة الجديدة الفاشلة او الفاسدة التي جاءت لإنقاذ الشركة من الادارة السابقة .

حضرت اجتماع الجمعية العامة للشركة في العام الماضي ، وبعد قراءة جدول الاعمال لم اجد فيه ما يبشر بخير للمساهمين ، ووجدت البنود المعتادة من تقرير مجلس الادارة ، الى القوائم المالية وتقرير مراجع حسابات الشركة ، وابراء ذمة اعضاء مجلس الادارة الى غير ذلك من البنود الروتينية ، وفي تفاصيل وشروحات هذه البنود كل ما يتعلق بمكافآت اعضاء مجلس الادارة ومن خلال مداخلات بعض الحضور عن وضع الشركة وجدت رئيس مجلس الادارة يفاخر بانهم لم يضطروا الى خفض رأس مال الشركة او زيادته وهذا يعني ان خسائر الشركة لم تصل الى نصف رأس المال ولو وصلت الخسائر الى هذا القدر فان هيئة سوق المال سوف تجبرهم  على خفض رأس المال بحيث ان عدد الاسهم التي يمتلكها كل مساهم سوف تنقص بنسبة الخسائر المتحققة ، او انها ستزيد رأس المال بزيادة عدد الاسهم ايضا بنسبة الخسائر ولكن في هذه الحالة سيدفع كل مساهم قيمة نصيبه في الزيادة بحيث تسلم  الشركة من ايقاف تداول اسهمها او اعلان افلاسها وتصفيتها .

 اين الخلل ؟  وكيف وصلت الامور الى ما وصلت اليه في هذه الشركة وفي غيرها من الشركات الخاسرة والتي طرحت للاكتتاب العام بعد تقديم كافة الدراسات والبيانات المطلوبة واخذ التصاريح اللازمة من السلطات المختصة ، واستثمر المواطنون في اسهم هذه الشركات على امل ان تحقق ارباح يستعينوا بها على تكاليف الحياة ، باعتبار الاستثمار في الاسهم هو الاستثمار الممكن والمناسب لكثير من الناس والذين ليس لديهم ما يكفي من المال يمكنهم من الاستثمار في الاراضي مثلا ، كما ان المساهمات العقارية اثبتت ان معظم القائمين عليها من النصابين ومن الذين يأكلون اموال الناس بالباطل ، ويظهر ان المسئولين عن الشركات المساهمة الخاسرة لا يختلفون عن منظمي المساهمات العقارية  الذين يقدمون صورة وردية للمساهمين ويعدون المشترك بالربح الوفير والنتيجة خسائر قد تلتهم نصف ما قدمه المشترك ، وربما يهرب منظم المساهمة ويخسر المشترك ليس ماله فقط وانما وقته وجهده وربما عقله .

 لابد من مراجعة الانظمة وتعديلها بحيث لا يبق مجلس ادارة أي شركة اكثر من فترتين كل منها ثلاث سنوات خصوصا اذا لم تحقق الشركة ارباح للمساهمين ،  اذ من غير المنطق ان يبق مجلس ادارة عشرين سنة في شركة لم تحقق أي ارباح بل تحقق خسائر ، وربما رفعت راس مالها او خفضته ، فاذا كان هؤلاء الاعضاء لا يخجلون ويعلنون فشلهم ويتركون مناصبهم لمن هو افضل منهم  ، فيجب ان يفعل ذلك النظام ، فيجبرهم على ترك مناصبهم والتحقيق معهم ، فحقوق الناس لا تتحمل الفاشلين وربما الفاسدين .    

Comments are disabled.