أدى طلب سحب التقرير الذي أعدته لجنة الامم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا المعروفة ب ( الاسكوا ) والذي حمل عنوان ( الممارسات الإسرائيلية نحو الشعب الفلسطيني ونظام الفصل العنصري ) أدى الى استقالة الأمين العام التنفيذي للجنة الدكتورة ريما الخلف ، بعد ضغوط شديدة مارستها الولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل على الأمين العام للام المتحدة أنطونيو غوتريتش الذي طلب من الدكتورة ريما الخلف سحب التقرير من موقع الاسكوا الالكتروني ،  وبعد فشل محاولات إقناع السكرتير العام بالتراجع عن طلبه سحب التقرير، اضطرت الدكتورة ريما الخلف تقديم استقالتها اذ لم تقبل ان تظل على رأس منظمة تشجع او تسكت عن ممارسات الفصل العنصري ضد الشعب الفلسطيني من قبل دولة الاحتلال .

ريما الخلف لمن لم يعرفها شخصية سياسية واقتصادية اردنية بارزة ، درست الاقتصاد في الجامعة الامريكية في بيروت حيث حصلت على البكالوريوس من تلك الجامعة العريقة ، ثم حصلت على الماجستير والدكتوراه من الولايات المتحدة الامريكية ، وقد اختارتها جريدة الفايننشيال تايمز البريطانية من بين خمسين شخصية رسمت ملامح العقد الماضي ، حيث تولت عدة مناصب وزارية في بلدها الأردن فتولت وزارة الصناعة والتجارة ، ووزارة التخطيط ، كما تولت منصب نائب رئيس الوزراء ، ثم انتقلت الى منظومة الامم المتحدة حيث تولت منصب مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومديرة إقليمية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ( UNDP ) وأخيرا تولت منصب الأمين العام التنفيذي للجنة الاقتصادية والاجتماعية لمنطقة غرب آسيا الاسكوا  والذي ضحت به من اجل المباديء  التي آمنت بها .

التقرير الذي أدى طلب سحبه من موقع منظمة الاسكوا  الى استقالة الدكتورة الخلف ، يعتبر بمثابة مرجعية بحثية ودراسة رفيعة المستوى وفق معايير القانون الدولي وكان يجب ان يحرك المجتمع الدولي والأمم المتحدة للعمل على ادانة الممارسات العنصرية وانهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية ، والذي يعتبر اقدم احتلال في التاريخ البشري ، ووقف الاستيطان الذي ابتلع معظم الأراضي الفلسطينية ، وكذلك وقف الممارسات العنصرية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني ، كما ان التقرير يعتبر اول تقرير استقصائي علمي مبني على تعريف القانون الدولي لجريمة الفصل العنصري  ( الابارتايد )  وهو ممارسة غير إنسانية تهدف الى سيطرة فئة عرقية ضد فئة أخرى ، وهو ما تقوم به إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني ، والملفت للنظر ان من مارسوا الضغوط على الأمين العام للأمم المتحدة ، لم يناقشوا ما ورد في التقرير او يشككوا في محتواه او يدحضوا ما ورد فيه بل اكتفوا بالهجوم على التقرير وطالبو بسحبه ، وكان الأمين العام قد نأى بنفسه عن التقرير ، وقال المتحدث باسمه : ان التقرير كما هو لا يعكس اراء الأمين العام وتم وضعه من دون التشاور مع الأمانة العامة ، مع ان مثل هذه التقارير التي تصدر عن الاسكوا او اللجان المماثلة لا يتم التشاور بشأنها ، لا مع الأمين العام ، ولا مع أي جهة أخرى ، وقد رحبت مندوبة الولايات المتحدة بموقف الأمين العام الذي نأى بنفسه عن التقرير ، وكان يمكن ان ينتهي الامر عند هذا الحد ، ولكن إسرائيل لم تكتف بذلك واستمر ضغطها على الامين العام ، وعلى الولايات المتحدة لتقوم من جانبها بالضغط على الأمين العام لسحب التقرير ، مما جعل الأمين العام يضغط على السيدة ريما خلف لتقوم بسحب التقرير ، إلا انها رفضت الانصياع للضغط ، بل طالبته بالعدول عن طلب سحب التقرير ، وعندما لم يستجيب قدمت استقالتها وقالت : ( استقلت لأنني أرى ان واجبي ان لا اكتم شهادة حق على جريمة ماثلة ).

د. علي محمد الغامدي

Comments are disabled.