صيام شهر رمضان هو الركن الرابع من اركان الاسلام الخمسة ، والصيام هو الامتناع عن الاكل والشرب والجماع من طلوع الفجر الى غروب الشمس ، وصيام شهر رمضان فرض عين على  كل مسلم عاقل وبالغ سواء كان ذكرا او انثى ، ويعفى من الصيام المريض والمسافر والمرأة الحائض والنفاس ، على ان الاعفاء ليس مطلقا ، ولكن بشرط القضاء خلال السنة وقبل ان يحل رمضان في السنة القادمة ، إلا بالنسبة للمريض الذي لا يرجى برئه او الكبير الذي لا يستطيع الصيام  فعليه الصدقة  عن كل يوم  يفطره  ولا يستطيع قضائه .

فرض الصيام في السنة الثانية من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة المنورة ، حيث نزلت الآية الكريمة : ( يا ايها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) فجاء الصيام بين الايمان والتقوى ، والايمان هو تعظيم الله سبحانه وتعالى وهو اعلى مرتبة من الاسلام ، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ليس الايمان بالتمني وانما ما وقر في القلب وصدقه العمل ، ويختلف الصيام عن بقية العبادات ففي الحديث القدسي يقول الله سبحانه وتعالى : كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا اجزي به ، والصيام جنة ، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ، فان سابه أحد او قاتله ، فليقل : إني أمرؤ صائم ،  والذي نفس محمد بيده ، لخلوف فم الصائم اطيب عند الله من ريح ، المسك ، للصائم فرحتان يفرحهما : إذا أفطر فرح ، وإذا لقي ربه فرح بصومه ؛ متفق عليه . وقد ذكر علماء الحديث عدة فضائل لهذا الحديث :

الاولى : أن الله تعالى اختصه من بين الاعمال بإضافته إلى نفسه إضافة تشريف ،وفي هذا مزية عظيمة ليست لغيره من الاعمال .

الثانية : أن الله تعالى وعد أن يجزي الصائمين جزاء من عنده غير محصور ولا معدود ، وهذا موافق لقوله تعالى : إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب . والمعنى أن الصابرين يؤجرون بلا عدد ، وانما  يصب عليهم الثواب صبا بلا حساب والصوم يجمع أنواع الصبر كلها .

الثالثة : أن الصيام جنة ، والمعنى : أنه وقاية لصاحبه من النار .

الرابعة : أن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك والخلوف تغير رائحة الفم .

الخامسة :  أن للصائم فرحتين : الاولى أنه إذا أفطر فرح بفطره والثانية : أنه إذا لقي ربه ، فجازاه وأثابه ، فرح بصومه في الدنيا.

ومن هذا الحديث نستنتج ان الصيام مدرسة يتربى فيها المسلمون على التقوى والايمان ، وهذا يتضمن حسن التعامل مع الناس بسلوك راق من الاخلاق الحسنة التي دعا اليها الاسلام وتجنب الاخلاق المذمومة كالكلام الفاحش ورفع الصوت عند الغضب .

كما ان الصيام يعلمنا الانضباط ، والسيطرة على النفس وشهواتها ويجعل الصائم يمتنع عن اشياء يحبها ومتوفرة لديه استجابة لأمر الله ، وبهذا يدرك ان هناك اناس يمتنعون عن تلك الاشياء في كل الاوقات لعجزهم عن توفيرها فيرق قلبه ولا يبخل على الفقراء والمساكين في رمضان وفي غير رمضان ، وكما ان الصيام يجعله يتوقف عن الاشياء الحلال ، فانه من باب اولى يمتنع عن الاشياء المحرمة عليه في كل الاوقات ، ومن فوائد الصيام انه يشجع الصائم على ترك بعض العادات السيئة كالتدخين مثلا ، فالمدخن في الايام العادية لا يتوقف عن التدخين بضع ساعات ، ولكنه في رمضان يتوقف عن هذه العادة السيئة طيلة اليوم ، وهي فرصة للتوقف  عن التدخين بصورة دائمة ، كما ان الصيام يشجع على الصدقة ، ولهذا فالكثير من الناس يخرجون الزكاة في رمضان ، ولهذا يسمى رمضان موسم الخير ، فالغني يعطي من ماله عن طيب خاطر للفقير ، وبهذا يصبح الجميع في رمضان في وضع اقتصادي مريح وبالتالي لا تشعر العوائل الفقيرة بالحرمان من الملابس الجديدة في العيد ومن الغذاء الجيد بعد الصيام وفي ايام العيد كل ذلك من بركات رمضان ، فحق للجميع ان يرحب بشهر رمضان فهو شهر الخير والبركة .  

Comments are disabled.