احتفل العالم مؤخرا باليوم العالمي لمحو الامية ، وقد قررت الامم المتحدة بان يكون هناك يوما عالميا لمحو الامية وذلك لتذكر كافة الدول والمؤسسات بأهمية محو الامية ، والامية كما هو معروف عدم معرفة الشخص بالقراءة والكتابة ، وقد بذلت منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة ( اليونسكو) مجهودا كبيرا مع كافة الدول وخصوصا الدول النامية للقضاء على الامية والعمل على جعل كل افراد المجتمع على المام بمهارة القراءة والكتابة ، وجاءت فكرة تخصيص هذا اليوم في احد اجتماعات اليونسكو في عام 1965 حيث صدرت التوصية بذلك ، وتم اعتماده من قبل منظمة الامم المتحدة حيث تقرر في عام 1966 ان يكون يوم 8 سبتمبر من كل عام يوما عالميا لمحو الامية ومنذ ذلك التاريخ اصبح العالم يحتفل باليوم العالمي لمحو الامية .
لكن ما الذي تحقق من حلم محو الامية ، الذي سعت اليه منظمة اليونسكو واوصت كل الدول بتغيير السياسات التعليمية للتقليل من وجود افراد اميين لديها ان لم تستطع محو الامية بشكل كامل وطالبت بتكثيف الجهود للوصول الى مجتمعات اكثر الماما بمهارات القراءة والكتابة وجعل ذلك من الاهداف التي تؤدي الى تحقيق التنمية المستدامة وضمان المشاركة الفاعلة من قبل كل افراد المجتمع بحيث يصبح مجتمعا منتجا في الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، وذلك لن يتحقق بوجود مئات الملايين من الاميين معظمهم من النساء ، كما ان وجود مئات الملايين من الاطفال في سن الدراسة وليسوا مسجلين في مدارس تؤهلهم في مستقبل ايامهم للمشاركة في بناء وتنمية المجتمعات التي ينتمون اليها ، وجعلها مثل المجتمعات التي قطعت شوطا كبيرا في مجال التعليم والتدريب ومحو الامية ، الى حد ان بعض البلاد المتقدمة تعتبر خالية من الاميين ، والبعض تحتفل بوفاة آخر امي لديها ، وهناك من يوجه السؤال : لماذا بقي هذا الامي اميا الى ان جاءه الموت وفي هذه المجتمعات تبرز الاسئلة عن المسئول عن وجود افراد اميين في المجتمع هل هو النظام التعليمي او المسئولين عن التعليم ، ام انها مسئولية الافراد انفسهم ، ام انها مسئولية الجميع ، أما في العالم العربي فمع الاسف انه مازال يوجد اعداد كبيرة من الاميين وكذلك اعداد كبيرة من الاطفال في سن الدراسة وليسوا مسجلين في مدارس ليتلقوا العلم الذي هو من حقوق الانسان .
المملكة العربية السعودية قطعت شوطا كبيرا في مجال محو الامية خصوصا بين النساء فقد قامت السلطات التعليمية بفتح مدارس محو الامية للرجال وللنساء ، ومنحت الدارسين والدارسات مكافآت مغرية ، وحققت بعض النجاحات خصوصا بين النساء حيث استمر بعضهن في التعليم حتى وصل بعضهن للجامعة ، مما يشير الى نجاح وزارة المعارف في السابق في تحقيق انجازات واضحة في تمكين اعداد كبيرة من الرجال والنساء من تعلم القراءة والكتابة ، وحتى من لم تواصل تعليمها الى مراحل اعلى ، فقد تمكنت من القراءة والكتابة واصبحت تستطيع مساعدة اولادها في مراجعة دروسهم ، وقد تباطأت الوزارة في تشجيع تلك الحملة التي نشطت فيها في وقت من الاوقات واستطاعت ان تجعل كثيرين من الرجال والنساء يتعلمون القراءة والكتابة ، أما بين الاطفال فنحمد الله يندر وجود اطفال في سن الدراسة وغير مقيدين في المدارس سواء ذكور او اناث فالجميع مسجلين في المدارس ، وحسب علمي ، لا يوجد ولد او بنت في اي منطقة من مناطق المملكة ليسوا مسجلين في مدرسة اولاد بالنسبة للأولاد او مدرسة بنات بالنسبة للبنات ، كما ان مدارس محو الامية قد تقلصت ، ربما لتناقص اعداد من يقصدها ، ولكن على الوزارة ان تبقيها مفتوحة وتضاعف المكافآت التي تعطى للدارسين والدارسات ، وتحسن اختيار من يتولون التدريس فيها من حيث الكفاءة والمقدرة على الاقناع وايصال المعلومة بطريقة مشوقة واذكاء حب العلم ، وعدم الالتفات للمثل الذي يقوله البعض والذي يقول ( بعدما شاب ودوه الكتاب ) وانه مثل يتحجج به الفاشلون والخاملون ، أما الطامحون والنابهون فيجب ان يكون شعارهم القول المأثور ( اطلب العلم من المهد الى اللحد ) وان طلب العلم ليس له سن معينة ، وان يتم التركيز في مدارس محو الامية على ترغيب الطالب في تعلم مهارة القراءة والكتابة ، ولا يثقل عليه بمواد اخرى قد تجعله يمل الدراسة ويفكر في عدم الاستمرار في مدارس محو الامية .