نشرت جريدة عكاظ خبرا يفيد ان وزارة العدل قد اعدت 58 قاضيا من المخصصين للعمل في المحاكم العمالية ، التي سيتم افتتاحها مطلع العام القادم ، وتعد الوزارة قضاتها لمهمات واعمال المحاكم العمالية بإكسابهم العديد من المهارات المهنية والشخصية التي تمكنهم من الجوانب العلمية والتطبيقية والمهارية في مجال القضاء العمالي ، ويتم فيه التدريب على نظرية العقد والشرط ، واحكام الضمان والتعويض فيما يخص مخاطر واصابات واللوائح والقرارات والتعاميم الوزارية المتعلقة بأنظمة العمل ونظام التأمينات الاجتماعية ، ونظام التنفيذ ولائحته ، وطرق الاثبات في المنازعات العمالية ، والتحكيم والصلح في القضايا العمالية والمنازعات الجماعية في القضاء العمالي ، ودعاوي إلغاء القرارات الادارية ، والاختصاص في القضاء العمالي والاستثناءات الواردة عليه ، ودراسة الاتفاقيات الدولية المنظمة للعمل والاطلاع على المبادي القضائية في القضاء العمالي وإتقان مهارة التسبيب الصحيح وصياغته بالإضافة الى آداب واحكام المهنة وفهم سلوكيات سوق العمل مع دراسة التطبيقات التي يتطلبها العمل في المحاكم العمالية ، والإلمام بتفسير النصوص النظامية وتطبيقاتها في القضاء العمالي . كما تم اختيار القضاة المخصصين للقضاء العمالي وفقا لمعايير دقيقة ترتكز على الكفاءة القضائية والعلمية اللازمة ، من خلال استقطاب الحاصلين على مؤهلات اكاديمية عليا في الانظمة ، او سبق لهم اعداد رسائل علمية او بحوث اكاديمية او محكمة ذات صلة بالقضاء العمالي وغيرها من الانظمة والاتفاقيات الدولية ذات الصلة او ممن سبق الحاقهم في برامج تدريبية متخصصة في القضاء العمالي ، كما جرت مراعاة الخبرة القضائية والاقدمية ، مع مراعاة المجلس الاعلى للقضاء لاستقرار وانتظام سير عمل عموم المحاكم . واشارت وزارة العدل الى ان المحاكم والدوائر العمالية المنتظر انطلاقها بمرجعيتها للقضاء العام تهدف الى تعزيز فرص الاستثمار في المملكة ، بالإضافة الى تحقيق التميز في القضاء العمالي وتقليص أمد التقاضي ، الى جانب الاستفادة من القاعدة الرقمية للمحاكم وتعاملاتها .
لقد اوردت كل التفاصيل التي وردت في الخبر بما يحتوي عليه من مواصفات ووعود وتأكيدات ، لا ادري ان كانت الوزارة قادرة على تحقيقها في المحاكم العمالية ، ومن اين ستأتي الوزارة بالقضاة الذين تتوفر فيهم تلك المواصفات ، والذين يجيدون التعامل مع الانظمة والنظريات العمالية المختلفة ، وهل قامت بتنظيم دورات مكثفة لهذا الغرض ؟ وهل تم اختيار القضاة الذين لديهم الاستعداد والقدرات للتعامل مع مشاكل مختلفة عن المشاكل التي تعودوا عليها في المحاكم العادية ، فهم سيعملون في محاكم عمالية واسمها يميزها عن المحاكم الاخرى ، فهنا التقاضي سيكون بين عمال ، في اغلبهم من الاجانب الذين جاءوا من بلاد مختلفة ومن ثقافات مختلفة ويتكلمون لغات مختلفة ، وجاءوا بعقود ربما وقعوها دون ان يفهموا محتواها ، وربما غرر بهم وافهموا بشروط وامتيازات لم يجدوها عند وصولهم ، ونتيجة لكل هذه المعطيات نشأت الخلافات بين العامل وصاحب العمل ، والعامل هو الطرف الاضعف في عملية التقاضي ، فهو لا يستطيع الترافع امام المحاكم العمالية بنفسه لأسباب اجتماعية وثقافية ولغوية ، كما انه لن يكون في امكانه الاتفاق مع محامي يقوم بالترافع عنه لأسباب مادية وثقافية ، فهل اخذت هذه الاسباب في الاعتبار ، ام ان العدالة ستكون مضمونة لمن يقدر على دفع التكاليف العالية ، وسوف لن يحصل عليها العامل البسيط الذي لا يستطيع دفع تكاليف المحامين ، كما انه غير قادر ولا مؤهل للترافع بنفسه ، وعليه فلا بد ان يكون هناك مراعاة لمثل هذه الحالات ، كوجود مترجمين مؤهلين ، ومحامين متطوعين ، ليساعدوا الحالات التي لا تستطيع الوصول الى حقوقها ، كما يجب على القضاة تبسيط الاجراءات امام الجميع ، وخصوصا اولئك الذين لديم نقاط ضعف كعدم معرفتهم باللغة ، وعدم قدرتهم على شرح قضاياهم بشكل واضح وعدم قدرتهم على دفع تكاليف المحامين والمترجمين .
نتمنى ان لا تكون المحاكم العمالية امتداد لإدارة فض المنازعات في مكاتب العمل والتي كانت تقوم بدور مشكور في حل بعض النزاعات العمالية ، ولكنه لم يكن كافيا ولم تكن قراراته مرضية وصائبة في كثير من الاوقات ، وقد كنت وما زلت اتلقى كثير من الرسائل الالكترونية من بعض القراء يشتكي مرسلوها من مظالم تعرضوا لها من كفلائهم ، وكنت انصحهم بمراجعة مكاتب العمل وتقديم شكاواهم ، ولكنهم يعبرون عن صعوبة الاجراءات التي توصل شكاواهم لمكاتب العمل ، وان وصلوا لم يحصلوا على حقوقهم كاملة ، وفي الختام اود تذكير الجميع بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( اعط الاجير اجره قبل ان يجف عرقه ) .